مغرب المواطنة مدير النشر: خالد الرحامني / E-mail: info@mouatana.com
المجلس الجماعي لعين الجمعة وسؤال الحصيلة
مغرب المواطنة2023-07-31 19:29:26
للمشاركة:

المجلس الجماعي لعين الجمعة وسؤال الحصيلة

المجلس الجماعي لعين الجمعة وسؤال الحصيلة

مكناس/خالد المسعودي


يشكل غياب ثقافة التعاقد بين الأغلبية المسيرة للمجالس الجماعية والساكنة حول التدبير المتمركز حول إنجاز أهداف واضحة وبمؤشرات دقيقة وخلال فترة زمنية محددة، أحد أهم أسباب ضعف المساءلة والمراقبة الشعبية للسياسات العمومية على الصعيد المحلي، أمر حاول المشرع الدستوري استدراكه من خلال القانون التنظيمي الجديد للجماعات المحلية رقم 113.14 بإلزام المجالس الجماعية بضرورة إعداد برنامج عمل في السنة الأولى من مدة انتداب المجلس على أبعد تقدير، يتم صياغته بطريقة تشاركية من أجل تعبئة جماعية لمختلف الشركاء قصد إنجاز تنمية محلية مستدامة.
إن مناسبة هذا الكلام هو اقتراب إكتمال زمن نصف الولاية التدبيرية للمجلس الجماعي لعين الجمعة التابع لعمالة مكناس، أمر يستوجب من الناحية السياسية والأخلاقية على الفريق المسير للمجلس الجماعي الحالي، أن يقدم حصيلته خلال ثلاث سنوات الماضية، قصد إبراز الإنجازات والاخفاقات والانتظارات، قصد العمل على تكريس قيم المكاشفة السياسية القائمة على الانصات والوضوح والموضوعية والتقييم والتصويب.
إن المتتبع للشأن المحلي لواقع جماعة عين الجمعة يمكنه رصد مجموعة من الانجازات المتواضعة ذات الطبيعة التقنية التي ليس لها انعكاس إيجابي على الحياة الإجتماعية اليومية للمواطنين، نذكر من جملتها على سبيل الحصر :
1- إعداد والمصادقة على برنامج الجماعة.
2- رقمنة وثائق الحالة المدنية على غرار مجموعة من الجماعات القروية بالإقليم.
3- إنشاء الشباك الوحيد من أجل تبسيط الاجراءات الإدارية.
4- إنشاء موقع المجلس الجماعي لعين الجمعة الذي لا زال غير مفعل بسبب غياب حصيلة ميدانية قادرة على تأثيث فضاء الموقع، وكذا بيروقراطية إدارية تحول دون تمكين موظفي المجلس الجماعي المسؤولين على مصلحة التواصل من العمل دون وصاية وتوجس من نشر المعلومة لفائدة الساكنة.
5- دعم بعض الجمعيات خلال السنة الثانية من الولاية الجماعية فقط.
يتبين أن حجم الانجازات جد متواضعة مقارنة بالرهانات التي كانت معقودة على المجلس الجماعي لعين الجمعة أن يحققها، لكن واقع الجماعة يوضح بشكل صارخ حجم الخصاص والتهميش، نتيجة قلة المشاريع التنموية القادرة على فك العزلة عن جماعة طال انتظارها في الاستفادة من المشاريع التنموية على غرار باقي الجماعات المغربية، ولعل أبرز مؤشراتها بالجماعة نذكر على سبيل المثال :
1- استمرار حرمان مجموعة من الأحياء الهامشية بالمركز من عملية تزفيت الشوارع.
2- تسجيل هشاشة الطرقات بعدد من الدواوير.
3- مشكل الانقطاع المتكرر للإنارة الكهربائية.
4- فشل مشروع السقايات في أغلب الدواوير
5- غياب مناطق خضراء، حتى المتوفرة تعاني من غياب أو ضعف العناية والصيانة وذلك نتيجة غياب سياسية بيئية محلية للمجلس الجماعي.
6- لم يستطيع المجلس الجماعي خلال ثلاث سنوات من حل مشكل المجزرة الجماعية.
7- مشكل الباعة الجائلين واحتلال الملك العمومي، حيث لم يستطع المجلس الجماعي بالتنسيق مع السلطة المحلية من فك هذا الملف، مما حول مدخل الجماعة إلى سوق أسبوعي يومي بسبب حالة العوز والهشاشة الإجتماعية التي تعاني منها الساكنة .
8- استمرار مشكل النظافة من خلال تراكم الأزبال في عدة مناطق سوداء، وكذا غياب الحاويات.
9- عدم القدرة على تعبئة موارد مالية باعتبارها مستحقات لفائدة الجماعة، نموذج كراء عدد من المحلات التابعة للجماعة.
إن مرد ضعف حصيلة المجلس الجماعي خلال نصف الولاية الجماعية الحالية، هو عدم قدرة المكتب المسير على تملك رؤية استراتيجية قادرة على التفاعل مع المستجدات بما يمكن من إقرار سياسات عمومية مواطنة، حيث استمرار الرهان على دعم وزارة الداخلية من خلال صندوق التجهيز الجماعي، حتى وإن تحقق ذلك سوف يصطدم ذلك بمحاولة اختزال تنزيل مشاريعه في إعادة تهيئة مركز عين الجمعة، ويزيد من تعقيد الوضع غياب تنويع الاستراتيجيات لدى المكتب المسير التي تجمع بين تعبئة الموارد المالية المحلية وتنزيل ذلك في زمن معقول .
لعل أحد عوامل الضعف في التدبير الجماعي للمجلس الحالي، أن الأغلبية الحالية بالمجلس الجماعي لعين الجمعة على غرار مجموعة من التجارب الجماعية هي أغلبية تمثيلية أفراد أكثر منها من تمثيلية أحزاب سياسية، والتي تحظى بامتداد شعبي قادر على الضغط عليها قصد تحسين أدائها، وضع يفسر أن الأغلبية الحالية لم تجتمع ولو مرة واحدة قصد مدارسة مسار التدبير الجماعي بغية الوقوف على نقط القوة والضعف وسبل تجاوز ذلك، أمر ساهم في تباين مواقف مكونات الأغلبية المسيرة خلال دورات المجلس الجماعي ولعل دورة أكتوبر الماضية نموذج واضح في هذا السياق .
تتزامن الحصيلة المتواضعة للمجلس الجماعي مع وضع عام بالجماعة يستبطن كل عوامل الكبح لأي أفق تنموي واعد، حيث استمرار حالة انتظار مبادرات ميدانية للسلطة الإقليمية والتي لا زالت بصمتها غائبة عن تحريك عجلة التنمية بالجماعة، بدورها السلطة المحلية أبانت عن عجز كبير في تدبير ملفات لها ارتباط كبير بملف التنمية المحلية بالجماعة كاحتلال الملك العمومي، وامتناع مكترو عدد من المحلات التابعة للجماعة على أداء السومة الكرائية مما يفوت مداخيل مهمة عن المجلس الجماعي.
يسجل أن وظيفة الأحزاب السياسية بالجماعة في التدافع السياسي تكويناً وتأطيراً ونضالاً عرف خفوتاً كبيراً جداً؛ ولعل غياب مقرات الأحزاب السياسية بالجماعة مؤشر على ضعف الوساطة الإجتماعية التي يمكن أن تقدمها هذه الأحزاب لفائدة الوطن والمواطنين، كما أن أحزاب المعارضة بالمجلس الجماعي لم تستطع أن توحد مواقفها وجهودها، وهو ما أثر على أدائها؛ إذ نسجل حضور متواضع جداً للقاءات اللجان ودورات المجلس، مع عدم قدرتها على استثمار الامكانات الدستورية التي يوفرها القانون التنظيمي 113.14 في عملية الرقابة.
الأمر يزيد استفحالاً مع عملية انزواء مجموعة من الفعاليات الجماعية الجادة، والتي اختارت الاشتغال بعيداً عن الأضواء، وهو ما فسح المجال لبروز " ظواهر بشرية " تحاول الانتساب إلى المجتمع المدني زوراً وبهتاناً، تحاول تقمص دور الإصلاحي الذي يترافع عن مصالح الساكنة، لكنها في العمق هي تحاول تحسين شروط التموقع ضمن شبكة توزيع المنافع والمصالح مستعملة لغة الوعيد.
بعد تقديم هذه الوضعية عن الواقع التنموي للجماعة، يبقى السؤال المشروع ماهي انتظارات الساكنة خلال ما تبقى من عمر الولاية الحالية، وهل هناك مؤشرات دالة على انفراج في الوضع الحالي، بما يمكن من إقرار سياسات تنموية من شأنها تحقيق الكرامة للمواطن بعين الجمعة.
من خلال المؤشرات السالفة الذكر يصعب الجزم أن المجلس الجماعي الحالي سوف يتمكن من إنجاز تنموي معتبر خلال ثلاث سنوات القادمة، بالنظر لطبيعة إيقاع اشتغاله المستغرقة في التدبير اليومي ذات الطبيعة الإدارية، وتأجيل الاشتباك مع الملفات الميدانية كملف إصلاح الطرقات، الإنارة الايكولوجية، ملاعب القرب، المناطق الخضراء، نظافة جيدة،… وحتى إن تحقق منجز فالزمن السياسي المتبقي لن يسعفها في إنجاز كبير الرهان الأساسي للخروج من هذا المسار التنموي المعطوب بالجماعة، مرتبط بقدرة الفاعل المدني الجاد على استعادة المبادرة وبتنسيق وتعاون مع القوى السياسية الممانعة ، وذلك بنهج أسلوب التعاون بنفس نضالي مع كل القوى المؤثرة في مسار التنمية المحلية، ولعل زيارة عامل عمالة مكناس للجماعة، نافذة أمل ننتظر بروزنتائجها في مستقبل الأيام القادمة .كما أن الجماعة في حاجة إلى دعم السلطات الحكومية من خلال تمتيعها بمشاريع تنموية على غرار باقي الجماعات، وعدم انتظار حراك محلي كل الشروط الحالية تغذي بروزه في أي لحظة ، وتجنب أسلوب التدخل بمنطق الاطفاء، بل المطلوب هو إقرار سياسية تنموية استباقية تتسم بالعدالة المجالية.
في الأخير يمكن اعتبار بعض التسخينات الظاهرة والخفية من أجل القيام بعزل الرئيس الحالي، وتشكيل تحالف جديد من الأمور التي ينبغي التعامل معها بجدية، لأن من شأن ذلك الضغط على الأغلبية المسيرة من أجل إطلاق و تسريع وتيرة الإصلاحات الشاملة بالجماعة، وتفادي إنجاز مشاريع قائمة على تنمية الواجهة ، لكن يبقى السؤال من هو الربان الذي له القدرة على قيادة التحالف القادم إن شُكل في غياب شخصية تحظى بإجماع الساكنة والقادر على انتشال الجماعة من ركودها الذي عمر لسنوات عديدة بالجماعة.

 

مغرب المواطنة
للمشاركة: