مغرب المواطنة مدير النشر: خالد الرحامني / E-mail: info@mouatana.com
لا تضع ثقتك
مغرب المواطنة2025-12-06 13:28:49
للمشاركة:

لا تضع ثقتك "الغالية" في محلها الخطأ.

لا تضع ثقتك "الغالية" في محلها الخطأ.

في زمن تتسارع فيه التحولات وتتبدل فيه القيم، لم تعد الثقة تلك القيمة البديهية التي تُمنح بسخاء، بل تحوّلت إلى مخاطرة قد تكلّف صاحبها الكثير إذا وُضعت في غير محلها. هذا ما تناوله المهندس عبد الحكيم الناصف بوروايل في مقال شخصي عميق، جاء رداً على مقال سابق بعنوان "الثقة جريمة" للكاتب عادل بن لحبيب، الذي أثار نقاشاً حول مصير الثقة في زمن التقلّبات.

حيث يروي الكاتب ، بخبرة تتجاوز أربعة عقود في العمل الإداري والسياسي والجمعوي ، تجربة شخصية عميقة و مؤلمة حين منح ثقته لمسؤول إداري وسياسي بارز، بدا للوهلة الأولى أهلاً لها. لم يتردد في دعمه، بل قدّم له وقته وخبرته وحتى دعماً مادياً في لحظات حرجة، إيماناً منه بقيمة الوفاء والتضامن. لكن النتيجة كانت صادمة: خيانة للثقة، تنكّر للجميل، وإضرار مباشر بمساره المهني، بلغ حدّ حرمانه من وسام ملكي كان يستحقه.

هذه التجربة، رغم قسوتها، لم تُطفئ في قلب الكاتب شعلة الإيمان بقيمة الثقة. بل دفعته إلى إعادة تعريفها: فالثقة ليست جريمة، بل هي فضيلة يجب أن تُمارس بوعي، لا بعفوية عمياء. فالثقة العمياء، كما يقول، هي الجريمة الحقيقية، لأنها تفتح الباب للخذلان، بينما الثقة الواعية تبني العلاقات وتحفظ الكرامة.

ويطرح الكاتب سؤالاً محورياً: هل منح الثقة سذاجة أم حسن نية؟ ويجيب من واقع تربيته وتجربته بأن حسن النية لا يجب أن يُدان، بل يجب أن يُصان بالحكمة والتبصّر. فالثقة لا تُلغى، بل تُمنح لمن يستحقها، بعد التمحيص والتدرّج.

ويختم مقاله باستحضار البعد الإيماني، مستشهداً بقوله تعالى: ﴿ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾، ليؤكد أن الثقة المطلقة لا تُمنح إلا لله، أما البشر فثقتنا فيهم يجب أن تُوزن بالعقل والتجربة.

لا تضع ثقتك

 

مغرب المواطنة
للمشاركة: