مؤتمر دولي بوجدة يناقش سبل إرساء رؤية صحية مندمجة

مؤتمر دولي بوجدة يناقش سبل إرساء رؤية صحية مندمجة

انطلقت يوم الأربعاء بكلية الطب والصيدلة بوجدة، أشغال الدورة الأولى للمؤتمر الدولي متعدد التخصصات في علوم الصحة، تحت شعار “الصحة والمستقبل: ملتقى الخبرات والابتكار”.

ويندرج هذا المؤتمر، الذي ينظمه على مدى يومين، المركز الدولي متعدد التخصصات في علوم الصحة (وجدة)، بتعاون مع المعهد العالي لمهن التمريض وتقنيات الصحة بوجدة، وكلية الطب والصيدلة، في إطار دينامية للتفكير العلمي والابتكار والحوار.

وأكد المتدخلون خلال حفل الافتتاح الرسمي أن هذا الحدث العلمي، الذي يستضيف إلى جانب باحثين مغاربة منحدرين من مختلف مدن المملكة، خبراء وباحثين قادمين من دول أخرى (فرنسا، الكونغو، كوت ديفوار…)، يشكل فضاء حقيقيا للتبادل بين الشمال والجنوب، ومختبرا للأفكار على الصعيد الدولي.

وأشاروا إلى أن اختيار موضوع هذا اللقاء يعكس إرادة جماعية لتجاوز المقاربات القطاعية من أجل بناء رؤية متكاملة للصحة، تقع عند تقاطع العلوم الطبية، وعلوم التمريض، والتدبير، والقانون، والاقتصاد، والهندسة، والعلوم الاجتماعية، والتكنولوجيات الحديثة.

وفي هذا الصدد، قال رئيس المؤتمر، ريان بوعزاوي، “نعيش اليوم في عالم يشهد تحولات صحية متسارعة، يتسم بالشيخوخة المتزايدة للسكان، وتفاقم الأمراض المزمنة، وتواتر الأزمات الصحية العالمية، فضلا عن التطور المذهل للمجال الرقمي والذكاء الاصطناعي”.

وسجل السيد بوعزاوي، في كلمة باسم اللجنة التنظيمية، أن هذه التحولات العميقة التي تُحدث تغييرات جذرية ومستدامة في منظومات العلاج، ليس فقط على المستوى السريري بل أيضا في أبعادها التنظيمية والاقتصادية والتدبيرية والهيكلية والأخلاقية، تفرض إعادة النظر في النماذج التقليدية للرعاية وأنماط الحكامة وأسس العمل الصحي، مما يجعل التفكير الاستراتيجي متعدد الأبعاد والاستشرافي أمرا لا غنى عنه.

وأشار في هذا السياق، إلى أن المغرب يتميز برؤية إصلاحية متبصرة، يقودها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، مما جعل إصلاح المنظومة الصحية ورشا ملكيا حقيقيا، مضيفا أنه منذ سنة 2022، انخرطت المملكة في واحدة من أعمق التحولات في منظومتها الصحية، من خلال تعميم التغطية الصحية الشاملة، وإحداث المجموعات الصحية الترابية، وتعزيز الحكامة الاستشفائية، وكذا تسريع رقمنة الخدمات الصحية.

وأبرز أن هذا الورش الاستراتيجي يجسد إرادة قوية لبناء منظومة صحية أكثر نجاعة وإنصافا وشمولية ومرونة، وقادرة على الاستجابة لمتطلبات الحاضر وتحديات المستقبل، معتبرا أن هذا الإصلاح الطموح يتطلب مواكبة علمية دقيقة، وتدبيرا متبصرا للتغيير، ويقظة دولية دائمة، وتعبئة جماعية للمعارف والكفاءات لضمان نجاحه واستدامته وتأثيره الحقيقي على صحة المواطنين.

وتابع السيد بوعزاوي قائلا “يتموقع المؤتمر الدولي متعدد التخصصات في علوم الصحة، كمنصة علمية رائدة تلتقي فيها الخبرات والتجارب والرؤى الاستشرافية من أجل إعادة التفكير، وفق مقاربة تشاركية ومتعددة التخصصات، في مستقبل المنظومات الصحية بالمغرب وإفريقيا وعلى الصعيد الدولي”.

وتتناول أشغال المؤتمر، التي تتوزع على أربعة محاور متكاملة، التحولات الكبرى للقطاع من خلال انتقالية منظومات العلاج، وازدهار الصحة المتصلة، والرهانات القانونية والاجتماعية والاقتصادية للصحة، وكذا تطوير الصحة الرقمية والابتكارات الطبية المتطورة.

ومن خلال هذه الدينامية المندمجة، يطمح المؤتمر إلى المساهمة في انبثاق نموذج صحي أكثر إنسانية وإنصافا ونجاعة، ومنخرط بشكل حازم في متطلبات المستقبل.