موسوعة الدنانير الإسلامية في المشرق " من سنة 132هـ حتى سنة 922هـ "

بعد إعلان قيام الدولة العباسية في سنة 132 هـ سعى خلفاء الدولة العباسية لإظهار قدرتهم على إدارة شؤن الدولة بتثبيت نظام الحكم عامة والنظام المالي والنقدي خاصة، لطمأنه المواطنين بحماية ممتلكاتهم من أي تغييرات تؤثر على موجوداتهم، وكان الوضع الاقتصادي والمالي في الدولة العباسية وفي جميع الامارات والمدن التابعة لها مزدهراً، ومن اقوى المراكز المالية والتجارية والأكثر نشاطاً في ذلك الوقت، وكانت طرق التجارة العالمية من الصين والهند ومن وسط اسيا تمر عبر مدن الدولة الإسلامية، وكانت الموانئ الإسلامية هي طريق العبور الرئيسية بين تجارة الشرق والغرب، وكانت النقود الإسلامية متداولة في كثير من الدول المجاورة للدولة الإسلامية، وقد تبنت الدولة العباسية الاستمرار في النظام النقدي الاموي لقدرته على إدارة دور السك ومراقبتها، والتأكد من جودة معادنها الذهب والفضة، والدقة في اوزانها، واحدث العباسيون تغييراً بسيطاً في مأثورات الدنانير والدراهم العباسية، لغرض سياسي وهو اعلانهم عن قرابتهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت المأثورات المكتوبة على الدنانير والدراهم العباسية هي :

مركز الوجه : لا اله الا.

الله وحده.

لا شريك له.

الإطار : محمد رسول الله ارسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله.

مركز الخلف: محمد.

رسول.

الله.

الإطار : بسم الله ضرب هذا الدينار سنة اثنين وثلاثين ومئة.

ونلحظ هنا ان الاختلاف عن الدنانير والدراهم الاموية في مركز الخلف حيث تم استبدال الاقباس القرآني من سورة الإخلاص ( الله احد الله/ الصمد لم يلد/ ولم يولد ) بكتابة ( محمد/ رسول/ الله).

وتركز الموسوعة على الدول والامارات الإسلامية في المشرق، من سنة 132هـ حتى نهاية دولة المماليك سنة 922هـ، وهذه الفترة تمثل 790 سنة تم فيها سك الدنانير الاسلامية، ولم تتعرض الموسوعة للدول التي لم تكن ضمن الفترة التاريخية مثل الدولة العثمانية او الصفوية او سلاطين الهند، كما ان الموسوعة ذكرت بعض الدنانير التي سكت في المغرب العربي لكونها كانت ضمن الدولة الفاطمية في هذه الفترة.

تتكون الموسوعة من جزئين على 1110 صفحة وتحتوي على جميع الدنانير التي سُكت في المشرق الإسلامي، بعدد 8000 دينار غير مكرر ولجميع مدن السك بعدد 249 مدينة، نشرت الموسوعة ولأول مرة أكثر من ألف دينار لم تنشر من قبل في المراجع العربية او الجنبية وهي الدنانير التي عرضت في المزادات العالمية او العربية او في المواقع الالكترونية.

الجزء الأول: يحتوي على الأوضاع المالية والاقتصادية في الدولة الإسلامية، المركز المالي للدولة الإسلامية، النظام المالي، بيت المال، الدواوين ومصادر الدخل، ديوان الخراج، ديوان النفقات، ديوان الاستيفاء، ديوان الجهبذة، ديوان المصادرات، ديوان المستغلات، ديوان الازمة، ديوان الصدقة، وذكرت الموسوعة الأوضاع السياسية في الدولة العباسية والامارات التابعة لها، ونظراً للتوسع الكبير للدولة الإسلامية، لم يكن بمقدور الخلفاء العباسيين حكم هذه الولايات حكماً مباشراً لبعدها وصعوبة التواصل مع الولاة، مما اضطرهم الى تعيين امراء وولاة على الولايات البعيدة عن عاصمة الدولة، وتعتبر تابعة للخلافة العباسية في نظر سكان هذه الولايات، وكذلك من وجهة نظر الولاة بتبعيتهم للخلافة العباسية لأنها تكسبهم ولاء المواطنين لاعتقادهم ان الخليفة هو حاكم المسلمين، الا ان هناك بعض الأخطاء التاريخية التي وقع بها بعض المؤرخين، وذلك بتسميتهم بعض الامارات التابعة للخلافة العباسية بدول مثل الدولة السامانية او الدولة الصفارية او الدولة البويهيه وغيرها من الامارات التي سميت تجاوزاً دولة وفي رأي ان هذه إمارات وليس لها صفة الدولة، حتى لو كانت متوارثة، لأنها تأسست بعد تولية الخليفة العباسي لولاتها، فمثلاً طاهر بن الحسين كان والياً على خرسان أقام الامارة الطاهرية، ويعقوب بن الليث الصفار كان والياً على سجستان أقام الامارة الصفارية، وكذا باقي الامارات، وتستمد هذه الامارات قوتها واستمرارها من علاقتها بالخليفة العباسي، ومباركة الخليفة على استمرارهم في الامارة، وتنطلق تبعية هذه الامارات للدولة العباسية من الأسس التالية:

1 – يمنح الخليفة العباسي للوالي او الأمير تفويض ليكسب الوالي الصفة الشرعية في امارة هذه المنطقة او الولاية.

2 – يمنح الخليفة العباسي للوالي او الأمير الألقاب الدالة على سلطة الوالي لتقوية مركزه في الامارة.

3 – يرسل القائمين على بيت المال في الولاية خراج الولاية الى دار الخلافة بعد استيفاء متطلباتهم.

4 – كتابة اسم الخليفة على النقود المسكوكة في الولاية او احدى المدن التابعة للولاية.

5 – الدعاء للخليفة في خطب الجمعة وفي الأعياد في جميع المدن التابعة للولاية.

ومع توارث الامارة في بعض الولايات قويت شوكة بعض الولاة مما جعل بعض الولاة ينفردون في السلطة وفي اتخاذ بعض القرارات دون الرجوع للخليفة، وأصبح لديهم القوة العسكرية والقدرة على خلع الخليفة وتعيين خليفة اخر، مما أضعف الدولة العباسية في بعض المراحل.

وتتحدث الموسوعة عن الاحداث السياسية في الإمارات الإسلامية في المشرق، ونبذة مختصرة عن كل امارة، وأسماء الخلفاء والولاة والامراء في الولايات والامارات الاسلامية الذين سكوا الدنانير خلال هذه الفترة، وقائمة بعرض جميع الدنانير التي سُكت خلال هذه الفترة من سنة 132 هـ الى سنة 466 هـ حسب التسلسل التاريخي وحسب الاحرف الابجدية لمدن السك.

الجزء الثاني: يحتوي على تكملة لعرض الدنانير التي سُكت من سنة 466 هـ حتى سنة 922هـ، ونبذة عن النقود الصليبية في البلاد العربية، حيث تمكن الغزاة الصليبيون من إقامة أربع إمارات صليبية في المناطق الإسلامية، هي إمارة الرها، وإمارة انطاكية، وإمارة بيت المقدس، وإمارة طرابلس، ويمكن تقسيم النقود الصليبية الى أربع مجموعات:

1– النقود الصليبية التي سُكت تقليداً للنقود الفاطمية والأيوبية وبالكتابة العربية والمأثورات الإسلامية، والخالية من أي دلالة او إشارة الى الديانة المسيحية.

2– النقود الصليبية التي سُكت تقليداً للنقود الفاطمية والايوبية بالكتابة العربية والمأثورات الإسلامية وهذه أضاف عليها الصليبيين الاحرف ( B – T) ورسم الصليب.

3– النقود الصليبية المسيحية باللغة العربية وكتب على الوجه / إله / واحد. الإطار١/ الاب الابن والروح القدس. الإطار٢/ ضرب بعكا سنة ألف ومائتين وواحد وخمسين. الخلف / صليب / الاإطار١/ وقيامتنا به تخلصنا وعفينا/ الإطار٢/ نفتخر لصليب ربنا يسوع المسيح الذي به سلامتنا وتحيتنا، وهذه لم يتعامل بها الا قلة من المسلمين كقطعة ذهب ويتم التخلص منها.

4– سك الصليبيون نقوداً باللغة اللاتينية وكانت تتضمن العبارات والشارات المسيحية، الا ان هذه لم تستمر طويلاً لرفض المسلمين التعامل بها.

واحتوت الموسوعة على المأثورات والاسماء والالقاب والرموز التالية:

١ – الآيات القرآنية والمأثورات الإسلامية التي أضيفت على الدنانير الإسلامية، وقد عرضنا لكتابة 98 آية ومأثورة إسلامية على الدنانير الاسلامية.

٢ – أُضيفت أسماء والالقاب على النقود الإسلامية وكانت لها دلالات خاصة لما لها من ارتباط بالأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي مرت بها الدولة العباسية والامارات الإسلامية، التابعة لها، وتميزت النقود في هذه الفترة بإضافة كثير من الأسماء والالقاب والكنى تعظيماً وتكريماً للخليفة او الوالي او الأمير، وقد تم عرض أكثر من 339 اسم ولقب على الدنانير الإسلامية خلال هذه الفترة.

٣ - الاحرف والرموز، اهتم القائمون على دور السك بإظهار جودة عملهم، والتأكد من نقاوة معادنها ومطابقتها للأوزان الشرعية المعتمدة، لذا حرص بعضهم على الرمز بحرف او زخارف او تنقيط، كتوقيع بتحمله مسؤولية هذه النقود، ومن الاحرف والرموز التي كتبت على الدنانير حرف، عـ ، مـ، د، بر، ر، ح، س، ب، وغيرها، ومنها الرموز التي تشبه الاحرف اللاتينية ومنها التنقيط والدوائر بأشكال مختلفة.

وذكرت الموسوعة عن دنانير الصلة، حيث كان العالم الإسلامي خلال هذه الفترة في أحسن أحوالهم المادية والاقتصادية وكان بعض الخلفاء والأمراء يهتمون بإبراز مظاهر الغنى والترف امام عامة الناس، وكان منها سك بعض الدنانير او الدراهم بأوزان واحجام أكبر من المتداولة وبمأثورات مختلفة، وتسك في بعض المناسبات السعيدة لهم مثل الافراح او الأعياد او الانتصار على الأعداء، ومنها ما تكون لمناسبات دينية كالدنانير التي كتب عليها أسماء الله الحسنى، او التي كتب عليها اية الكرسي، ليهديها الخليفة الى خاصته والى بعض المسؤولين للصلة والتواصل فيما بينهم، وذكر المقريزي انهم وجدوا في دار جعفر البرمكي أربعة الاف دينار ذهب، وزن الدينار مائة مثقال، أي عن مائة دينار من الدنانير المتداولة، وتسمى هذه النقود في العصر الحالي (النقود التذكارية)، واخيراً قائمة الدنانير حسب مدن السك وبحسب الاحرف الابجدية للمدن، احتوت على 220 صفحة تم ذكر جميع الدنانير التي سكت في كل مدينة.