نحاسب المسؤولين… فهل نحاسب أنفسنا؟
نحاسب المسؤولين… فهل نحاسب أنفسنا؟
فكرة و سرد : م. عبد الحكيم الناصف بوروايل.
في أحد أيام الصيف، قررت رفقة عائلتي المكونة من عشرة أفراد قضاء وقت ممتع في أحد شواطئ طنجة الجميلة. كانت اللوحة في البداية ساحرة: شاطئ منظم، محاط بحاويات قمامة متعددة، معابر شاطئية مبنية بعناية، أماكن جلوس مريحة، آلات حديثة لممارسة الرياضة الخفيفة، وأضواء ساطعة تضيء المكان بعد غروب الشمس. كل شيء يوحي بجمال التنظيم وحسن التدبير، مما جعلنا نشعر بسعادة غامرة.
لكن هذه السعادة لم تدم طويلا، فما إن تجولنا قليلًا حتى صدمنا بمشهد مؤلم: أزبال مرمية هنا وهناك، بقايا طعام، قنينات بلاستيكية، أكياس متناثرة، حفاضات أطفال وحتى مخلفات بشرية! بل إن ماء البحر نفسه لم يسلم من التلوث. عندها انتابنا غضب شديد، وبدأنا نتساءل: كيف نطالب دائمًا بمحاسبة المسؤولين إذا قصّروا، بينما نحن كمواطنين نرتكب أخطاء جسيمة ضد بيئتنا ووطننا؟
وسط هذا الاستياء، خطرت ببالي فكرة بسيطة: أن أبدأ بمبادرة تنظيف البقعة الدائرة ماحولنا من الشاطئ. وما إن شرعت في ذلك حتى التحق بي شابان من أفراد عائلتي المتواجدة ، وطفلة و عدة أطفال من عائلات أخرى المتواجدة هناك. لحظات من العمل الجماعي تحولت إلى فرحة مضاعفة، فقد استطعنا خلال وقت قصير أن نحول المكان إلى لوحة نظيفة وجميلة، بينما امتلأت الحاويات بالقمامة.
هذه التجربة علمتني أن المسؤولية مشتركة. نعم، من حقنا أن نطالب المسؤولين بالتحلي بالنزاهة والكفاءة، لكن من واجبنا نحن كمواطنين أن نتحلى بالوعي ونحافظ على نظافة شواطئنا، حدائقنا، مسابحنا، وكل فضاءاتنا العمومية. فالوطن مسؤولية جماعية، لا تتحقق بنقد الآخر فقط، بل أيضًا بمراجعة سلوكياتنا اليومية.
فلنكن جميعًا جزءًا من الحل لا من المشكلة. لنبدأ من أنفسنا، ولنترك وراءنا أثرًا جميلاً حيثما حللنا. فالوطن بيتنا الكبير، وحمايته من التلوث مسؤولية كل واحد منا، اليوم قبل الغد.



