مغرب المواطنة مدير النشر: خالد الرحامني / E-mail: info@mouatana.com


للمشاركة:

من الشعبوية إلى الرصانة: نحو نظام سياسي واجتماعي مغربي فعّال بقيادة ملكية وبمساهمة حزبية متجددة. فكرة وتحليل: المهندس عبد الحكيم الناصف بوروايل.

من الشعبوية إلى الرصانة: نحو نظام سياسي واجتماعي مغربي فعّال بقيادة ملكية وبمساهمة حزبية متجددة. فكرة وتحليل: المهندس عبد الحكيم الناصف بوروايل.

رغم ما حققه المغرب من تطورات اقتصادية ودبلوماسية ملحوظة، ما زال النظام السياسي والاجتماعي الوطني يواجه إكراهات بنيوية تتمثل في هيمنة الخطاب الشعبوي، والعشوائية في التدبير العمومي، وضعف فعالية الأحزاب، وغياب ثقافة المحاسبة.
هذه الإشكالات تطرح نفسها بإلحاح في ظل رهانات وطنية كبرى، أبرزها تنزيل مضامين النموذج التنموي الجديد وتحقيق أهداف رؤية 2035، إلى جانب استعداد المغرب لتنظيم كأس إفريقيا للأمم 2025 وكأس العالم 2030 بشراكة مع إسبانيا والبرتغال.

فكيف يمكن تجاوز هذه المعيقات نحو نظام سياسي اجتماعي فعّال؟ وما الدور الذي يمكن أن تلعبه المؤسسة الملكية والأحزاب الوطنية في هذا التحول؟

1. أزمة الخطاب السياسي ومحدودية التدبير العمومي:
النظام السياسي المغربي اليوم لا يعاني من ضعف المؤسسات فقط، بل من ضعف في جودة الفاعلين السياسيين وخطابهم.
إذ يسود منطق الشعبوية والوعود الفضفاضة، مقابل غياب الرؤية والتخطيط والاستناد إلى المعطيات والملفات الحقيقية. كما أن العديد من الفاعلين المحليين والمنتخبين يسيرون الشأن العام بعقلية قصيرة المدى، تفتقر إلى الاستشراف والنجاعة والمساءلة.

ولعل أخطر ما يواكب هذا الوضع هو غياب المحاسبة، وانعدام ربط المسؤولية بالمحاسبة على أرض الواقع، مما يفرغ الممارسة السياسية من معناها، ويُعزز النفور الشعبي منها.

2. الحاجة إلى إصلاح سياسي اجتماعي عميق

إن تجاوز هذه الأزمة يفرض:

- إصلاحًا حقيقيًا للنظام الانتخابي لتقليص البلقنة الحزبية

- عقلنة الخطاب السياسي وربطه بالواقع

- دعم المشاركة السياسية للكفاءات والمستقلين

- فرض المساءلة وتعميم ثقافة التقييم المؤسساتي

- استثمار الاستحقاقات الرياضية الكبرى كرافعة للتنمية المجالية والبشرية، وليس فقط كمشاريع مؤقتة.

كل هذا يقتضي تغييرًا جذريًا في عقلية التدبير السياسي واستعادة الثقة بين المواطن والمؤسسات.

3. دور المؤسسة الملكية: توجيه استراتيجي وضمان للفعالية

المؤسسة الملكية، بصفتها الضامن لاستمرارية الدولة، تقود منذ سنوات إصلاحات استراتيجية عميقة، من أبرزها:

- إطلاق النموذج التنموي الجديد
- توجيه أوراش كبرى مثل الحماية الاجتماعية، الطاقات المتجددة، النقل الفائق السرعة، والمشاريع الإفريقية.
- تعبئة المغرب لاحتضان كأس العالم 2030 كرافعة دبلوماسية وتنموية.

وهي بذلك تضطلع بدور مركزي في رسم الأفق وفتح المسارات الكبرى التي يُنتظر من الأحزاب والمجتمع أن يملأها بالفعل والعمل والتأطير.

4. الأحزاب الوطنية: بين المأزق والفرصة

رغم تراجع ثقة المواطن بالأحزاب، فإن هذه الأخيرة تظل حجر الزاوية في أي تحول ديمقراطي حقيقي. والمطلوب منها اليوم:

- تجديد نخبها وأدوات اشتغالها
- القطع مع التزكيات القائمة على الزبونية
- الاستثمار في التكوين السياسي للشباب.

- لعب دور الوسيط الحقيقي بين الدولة والمجتمع.
- الانخراط بفعالية في تنزيل المشاريع المرتبطة برؤية 2035 وكأس إفريقيا والعالم.


إن الأحزاب، إن التقطت الفرصة، تستطيع أن تكون شريكًا قويًا في التغيير، لا عبئًا على الدولة أو عائقًا أمام التنمية.

_ الخاتمة: نحو تعاقد وطني جديد.

إن تطوير النظام السياسي والاجتماعي المغربي ليس رفاهًا فكريًا، بل ضرورة وطنية مستعجلة في ظل التحولات الجيوسياسية والإقليمية، وتطلعات المجتمع نحو مزيد من الكرامة والمشاركة والشفافية.
وهو تحول لن يتحقق إلا عبر تعاقد وطني جديد يجمع:

- قيادة استراتيجية للمؤسسة الملكية.
- مشاركة حزبية متجددة ومسؤولة.
- تفعيل دور المواطن في المراقبة والمشاركة.

وإن كانت الدولة قد وفرت الإطار الاستراتيجي من خلال النموذج التنموي الجديد، فإن الكرة الآن في ملعب الأحزاب والنخب السياسية التي عليها أن تنتقل من منطق "الفرصة الانتخابية القائمة في بعض الأحيان على المصلحة و الشخصنة والفردانية " إلى منطق "الفرصة الوطنية القائمة على التضحية و البذل و العطاء ".

من الشعبوية إلى الرصانة: نحو نظام سياسي واجتماعي مغربي فعّال بقيادة ملكية وبمساهمة حزبية متجددة. فكرة وتحليل: المهندس عبد الحكيم الناصف بوروايل.

 

مغرب المواطنة
للمشاركة: