منصة مكناس للترافع والتمكين تعيد إطلاق نداء جماعيًا لرد الاعتبار للعاصمة الإسماعيلية ومشكل عاملات سيكوميك يرخي بضلاله على ندوة نظمت بمكناس

مكناس :عبد الصمد تاج الدين

في ظل ما تشهده مدينة مكناس من تراجع تنموي لافت وجمود على مستوى المشاريع الكبرى، نظّمت منصة مكناس للترافع والتمكين ندوة حوارية موسعة، خُصصت لعرض حصيلة عملها خلال المرحلة الماضية، ومناقشة السبل الممكنة لإخراج المدينة من حالة الركود التنموي، في أفق بناء رؤية جماعية تستند إلى تشخيص دقيق ووعي جماعي بمكامن الخلل وفرص الإصلاح.

الندوة التي احتضنها مركز النسبج الجمعوي بالمدينة ،عرفت حضور عدد من المنتخبين المحليين، وفاعلين من المجتمع المدني،و أكاديميين ومهتمين بالشأن المحلي فضلا عن ثلة من الإعلاميين . وقد شكّلت لحظة تقييم صريحة لما آلت إليه الأوضاع التنموية والاجتماعية بمكناس، خاصة في ظل ما وصفه العديد من المتدخلين بـ"الإقصاء الصامت" الذي تعيشه المدينة مقارنة بمدن مغربية أخرى شهدت خلال السنوات الأخيرة نهضة عمرانية واستثمارات استراتيجية.

وفي مداخلات متقاطعة، أجمع المشاركون على أن مكناس تعاني من تراجع واضح في جاذبيتها التنموية ومكانتها ضمن خريطة المدن المغربية الرائدة، رغم ما تتوفر عليه من رصيد حضاري وتاريخي وثقافي، ومؤهلات اقتصادية وفلاحية وسياحية كبيرة،.

وقد أشار المتدخلون إلى أن المدينة التي كانت ضحية التقسيم الجهوي بعدما فقدت توصيفها كعاصمة لولاية الجهة

;و بفيت دون الاستفادة من الاستثمارات العمومية والمشاريع الكبرى، كما أنها لم تواكب الدينامية الوطنية التي عرفتها مدن مثل طنجة، مراكش، الدار البيضاء أو الرباط، وهو ما زاد من تعميق الإحساس بالتهميش لدى ساكنة المدينة..

وفي تحليلهم لأسباب هذا الوضع، تعددت وجهات النظر بين المشاركين ، ففي حين حمل بعضهم المسؤولية للهيئات المنتخبة التي لم تحسن لعب دورها الترافعي ولم تواكب بالشكل اللازم السياسات الوطنية للتنمية، اعتبر آخرون أن هناك عراقيل بنيوية ولوبيات محلية تتعمد تعطيل أي مبادرة إصلاحية أو مشروع واعد، حمايةً لمصالح ضيقة تعيق تطور المدينة

.كما تم التوقف عند إشكالية ضعف انخراط المواطن في الشأن العام ومعه بالطبع المنتخب ، حيث أشار عدد من الحضور إلى أن جزءاً كبيراً من الإشكال يكمن في سوء اختيار الناخبين لممثليهم، مما أدى إلى إفراز نخب عاجزة عن الدفع بمصالح المدينة داخل مؤسسات القرار الجهوي والوطني..

لم يقتصر النقاش على الجانب التنموي فقط،، بل امتد ليشمل الوضع الاجتماعي الذي تعرفه المدينة، خصوصاً في بعض الأحياء الهامشية التي تعاني من ضعف البنيات الأساسية والخدمات وفي نفس السياق الاجتماعي ارخت قضية العاملات المتضررات من ملف شركة "سيكوميك" بضلالها على اشغال الندوة بعدما اثارت موجة من التعاطف والغضب بين الحضور لما ال اليه وضع المدينة ومعها هؤلاء النساء ،بعد ان اضطر عدد منهن إلى السكن في خيام كرتونية امام احد الفنادق المصنفة وسط المدينة، في مشهد يختزل مظاهر الفقر والهشاشة الاجتماعية ويطرح تساؤلات حول مدى نجاعة السياسات الاجتماعية بالمدينة، وغياب مقاربات مندمجة لحماية الفئات الهشة و ضع حل نهائي لهذا المشكل الدي عمر طويلا .

.

وفي ختام اللقاء، شدد المتدخلون على أن مستقبل مكناس يمر بالضرورة عبر إرادة جماعية حقيقية تضع مصلحة المدينة فوق كل اعتبار، وتُنهي حالة التشتت والتراشق السياسي بين الفاعلين المحليين.

وقد تمت الدعوة إلى إطلاق تعاقد مدني وتنموي يضم مختلف الأطراف المعنية من سلطات محلية، جماعات الترابية، فعاليات المجتمع المدني، الكفاءات والخبرات المحلية، إلى جانب الساكنة، من أجل بلورة رؤية مشتركة تستند إلى مبادئ العدالة المجالية، والحكامة، والنجاعة.

من جانبه، أكد الدكتور جواد الحسني، منسق رئاسة المكتب التنفيدي لمنصة مكناس للترافع والتمكين، أن المرحلة الراهنة تقتضي تعبئة شاملة واستثمار الفرص المتاحة، خاصة مع اقتراب تنظيم المغرب لعدد من التظاهرات الدولية الكبرى، مما يفرض على مكناس أن تكون حاضرة في هذا السياق الوطني، من خلال إخراج مشاريع مهيكلة إلى حيز التنفيذ، وضمان انخراط المدينة في دينامية التنمية المستدامة.

وشدد الحسني على أن المنصة ستواصل رفع منسوب الترافع المدني، وتوسيع دائرة المشاركة الشعبية، مع تعزيز الشراكات الاستراتيجية، بما يضمن إعادة بناء الثقة بين المواطن والمؤسسات، واستعادة مكناس لمكانتها كقطب حضاري وتاريخي له وزنه في المشهد الوطني.

جدير بالذكر أن منصة "أهل مكناس للترافع" تأسست أواخر سنة 2023 على يد ثلة من الغيورين على مدينة مكناس، بهدف النهوض بأوضاع المدينة والدفاع عن مصالحها الحيوية. وقد عمل أعضاء المنصة على إعداد عريضة مطلبية شاملة، جمعت أزيد من 7000 توقيعا من مختلف فئات ساكنة المدينة، وتم تقديمها إلى رئاسة الحكومة وتضمنت العريضة مجموعة من المطالب التنموية والاجتماعية المستعجلة من بينها تسريع وتيرة المشاريع التنموية المعطلة بالمدينة النهوض بالبنية التحتية خاصة في الأحياء المهمشة تعزيز الخدمات الصحية والتعليمية بالمدينة خلق فرص شغل للشباب ومحاربة البطالة.