مغرب المواطنة مدير النشر: خالد الرحامني / E-mail: info@mouatana.com
الصحافة الصغرى.. إقصاء قاتل في المغرب ودعم سخي في سويسرا
مغرب المواطنة2024-12-06 17:47:51
للمشاركة:

الصحافة الصغرى.. إقصاء قاتل في المغرب ودعم سخي في سويسرا

الصحافة الصغرى.. إقصاء قاتل في المغرب ودعم سخي في سويسرا

في عالم اليوم، حيث تُعد الصحافة إحدى الأعمدة الأساسية للديمقراطية، يبدو أن الحكومة المغربية ونظيراتها في العالم، تسير على طريقين مختلفين تماما، على الرغم من أنها تنتمي لنفس الكوكب. ففي الوقت الذي يسارع فيه البرلمان السويسري مثلا لضخ 35 مليون فرنك سويسري في صندوق دعم الصحافة، تركت الصحافة الصغرى في المغرب تكافح وحدها وسط بحر من الإقصاء.

لنبدأ بسويسرا، حيث قرر مجلس الشيوخ السويسري، بعد ثلاثة أعوام من النقاشات، ضخ دعم مالي بقيمة 35 مليون فرنك سويسري (حوالي 40 مليون دولار أمريكي) للمساعدة في الحفاظ على الصحافة المحلية، خاصة الصحافة الجهوية.

هذا الدعم ليس مجرد “مساعدة” عابرة، بل هو ضمان للحفاظ على التعددية الإعلامية وضمان لوصول المعلومات الصحيحة إلى المواطنين. الحكومة السويسرية لا ترى في الصحافة المحلية عبئا ماليا، بل ترى فيها عنصرا حيويا في الحفاظ على ديمقراطيتها وصحة المجتمع. وكأن سويسرا تدرك جيدًا أنه لا يمكن للديمقراطية أن تعمل دون تمكين المواطنين من معرفة المعلومات الكاملة.

أما في المغرب، فإن الوضع مختلف تماما. بينما تسعى سويسرا لضخ الأموال في صحافتها الصغرى لحمايتها من التضليل الإعلامي وتعزيز التعددية، نجد أن الصحافة المغربية، خاصة الصغرى منها، تُهمَل بشكل ممنهج. هنا، لا توجد أي إشارة لدعم ملموس يذكر للصحف المحلية الصغيرة التي تسهم في تسليط الضوء على القضايا الجهوية والاجتماعية الهامة.

إذا كانت الصحافة الكبرى تجد لها دائما حصة وافرة من الدعم الحكومي، فإن المقاولات الصحفية الصغرى تترك لتصارع من أجل بقائها في ظل غياب التمويل الكافي.

إن الدعم السخي الذي تقدمه سويسرا للصحافة الصغرى هو مثال على الالتزام بحماية الإعلام كحق أساسي للمواطنين. وفي المقابل، يبدو أن حكومتنا الموقرة لا ترى في الصحافة الصغرى ضرورة لحياة ديمقراطية صحية، بل تعتبر ذلك مجرد مصاريف غير ضرورية، رغم أن هذه الصحف هي التي تقدم المحتوى المحلي وتعمل على تصحيح التوازن الإعلامي المفقود في وسائل الإعلام الكبرى.

في سويسرا، تمثل الصحافة المحلية جزءا من الديمقراطية. ففي المناطق التي تفتقر إلى وسائل إعلام محلية، يزداد التضليل والأخبار الكاذبة. ولئن كانت الصحافة الصغرى تلعب نفس الدور الحيوي في المغرب، إلا أنها تعتبر عبئا ماليا يجب التخلص منه. وهو ما يطرح سؤالا مشروعا: ألا يعتبر هذا نوعًا من التهميش المقصود؟

وعطفا على كل ما قيل، فإن الاختلافات واضحة وفلسفة الدعم مختلفة بين البلدين: في سويسرا، يعتبر دعم الصحافة الصغرى استثمارا في الحرية الإعلامية، بينما في المغرب، يبدو أن الصحافة الصغرى مجرد تكاليف إضافية يجب التخلص منها. وإذا كانت سويسرا تفهم أن الصحافة ضرورة من ضرورات الديمقراطية، فإن حكومتنا الموقرة في المغرب ترى عكس ذلك وكأن الصحافة في رأيها ترف يمكن التخلي عنه إذا استدعى الأمر ذلك.

يبدو أن التناقض بين المغرب وسويسرا في دعم الصحافة الصغرى ليس مجرد اختلاف في السياسة الإعلامية، بل هو فرق في الفهم لدور الصحافة في المجتمع. وإذا استمرت الحكومة المغربية في إقصاء الصحافة الصغرى، فإن التعددية الإعلامية في البلاد ستكون على محك حقيقي، وسيقف الجميع على حقيقة واحدة: الصحافة الصغرى هي رئة الديمقراطية.

 

مغرب المواطنة
للمشاركة: