هل حرب الإقالة الكبرى قادرة على إنهاء الحروب الثانوية بمجلس جماعة مكناس؟
هل حرب الإقالة الكبرى قادرة على إنهاء الحروب الثانوية بمجلس جماعة مكناس؟
ليست المشكلة السياسية بمكناس بالهينة في اختيار من يتولى تدبير ما
تبقى من سنوات رئاسة مجلس الجماعة. فالعرض متوفر بوفرة، لكن المشكل الركيز في
اختيار من له معايير وصفة الحكامة والتدبير المؤسساتي !!! فالبلبلة السياسية
الجديدة بعد يوم (الإقالة) تسير على أسلاك كهربائية ذات التوتر العالي، وخوفنا
التام من كهربة الجميع !!!
تعبير
عن وجهة رأي، بصراحة إن سقوط الرئيس بحد ذاته ليس عُرسا نصفق عليه جميعا، و لا
بوابة مريحة للفرح والتهليل المتزايد، وقد لا نعتبره انتصارا مسبوقا في المدينة،
وإنما هو استعارة لإخفاق تتجمع حوله كل مكونات المدينة من الناخب إلى المنتخب إلى
الأحزاب السياسية، إلى أحزاب (الشتات)، وما تلا ذلك من (بلقنة) وتمزق تدبيري داخل
المجلس، لكن الساكنة ستتذكر خسارة الزمن التنموي، ويشهدون على كتابة التاريخ من
قبل المنهزم أولا، ولم لا من قبل المنتصرين وسياسة الإزاحة ثانية.
نحن في
وجهة النظر هذه، لا نعمل على تبييض الأسود ولا على تسويد الأبيض، بل من المسؤوليات
التاريخية، الاحتكام إلى القانون في حل الخلافات والنزاعات (قانونية الإقالة)،
وألاَّ نُغطي هذا الإخفاق المشين عن أعين الرقابة السكانية أولا (على الأحزاب
السياسية إصدار بلاعات توجيهية للساكنة). فحين تم تغييب أدوار الحكامة، حين تم
الإخفاق المزدوج والمبكر من حسن الاختيار. و بعدها تم توزيع (الغنائم) وحصص
التفويضات المليحة، انتعش الشقاق والنفاق السياسي !!! إخفاق في تنزيل النص
القانوني، حين تم السكوت عن تصريحات كانت جد (قاصحة) منذ البداية، ولم تُفتح بعدها
بوابة المساءلة والمحاسبة !!!
سقوط
الرئيس واعتلاء رئيس جديد، هي شكليات للديمقراطية (التمثيلية) فقط، وقصة (حرب أخرى
لإنهاء كل الحروب النامية) !!! لكن العبرة الأساس هي البحث عن أسباب السقطة
المدوية للرئيس وتلك (الحرب الباردة)، والكشف عن حقيقة الأمور بلا مواربة ولا
مخادعة. ومن صدق التحليل النقي أن مسؤوليات إخفاق الرئيس (التاريخية) يتحملها جميع
مكونات مجلس جماعة مكناس، وكانت (منذ البداية علامة الفضيلة بَايْنَة) !!!
قد ينعت
الجميع الرئيس (القديم) بمجموعة من المواصفات التي التصقت بالصفة والعادة
والتقادم، ولم يقدر التخلص منها بالتعود على مكر ودهاء السياسي (الهَضَاضْرِي)
والتي خبر هندسة بناء المطبات بالمنافع الآتية. سقط الرئيس و(دم) الإقالة توزع بين
أعضاء (58) من سياسي المدينة الفاضلة، فحتى من كانوا في جلسات الموالاة (السيد
الرئيس)، والإفتاء القانوني له بالمخارج المريحة (أهل الحل والعقد) من نيابة الظل
الرمادي، أصبحوا بحق يوم (الإقالة) يمارسون الكذب السياسي و(قَلْبُوا الفِيسْتَا)
عليه !!!
تم إبعاد الرئيس، ولم نسمع من يتحدث عن فساده المالي وترتيب (الأثر
القانوني) !!! ولا عن خشونة في الاغتناء !!!
فالجُلُّ بات يسوغ الوضعية (بغياب تواصل الرئيس) !!! و من المبررات المترددة
بامتياز صناعة (عقاب الإقالة)، الرئيس يغيب كثيرا عن مسؤولياته بالمدينة، ويمنح
وقته لوظيفته الاستشارية في مجال تخصصه الفلاحي !!!
اليوم
المدينة تبحث عن البديل الممكن، والمتمكن من خبرة (هشاشة الفعل السياسي)، وقد يتم
(إسقاطه) بالمتعة والتمتع، وبلا اختيارات من الفرقاء السياسيين بالمدينة !!! اليوم
وغدا، تجري تكتلات ومناورات مكتفة ومخيفة في (الغرفة المظلمة)، والهواتف تعمل بلا
انقطاع، وكأن المدينة مُقبلة للمرة الثانية على اقتسام المناصب والتفويضات و(إنعاش
الفوضى الخلاقة التي تصنع الإلهاء).
ليعلم
الجميع، بأن المدينة لا ترهن مستقبلها لا مع شخصية عمرو، ولا مع كفاءة زيد في
رئاسة مجلس جماعة مكناس، بل ما يهم المدينة والساكنة، هي مقومات الجدية،
والمصداقية في سيرة الرئيس الجديد (وضع المدينة في قلب التاريخ والذاكرة
والتنمية)، ومدى تمكنه من احتواء المشاكل التي لن ولا تنضب بتاتا، والعمل على
إنعاش التنمية (الرَّاكْدَة). اليوم مكناس تبحث عن تفسير للجدية والصرامة في
التنظيم والتسيير العقلاني، عن من يخدم قضايا تدبير الحكامة بامتياز، وتوزيع
المسؤوليات بحدود فقه القانون.
محسن الاكرمين