"عَرَّافَةُ ٱلْحَرْبِ الثَّالِثَةِ" قصيدة للشاعر الحاج محمد الامامي
"عَرَّافَةُ ٱلْحَرْبِ الثَّالِثَةِ" قصيدة للشاعر الحاج محمد الامامي
عَرَّافَةُ ٱلْحَرْبِ الثَّالِثَةِ
بِسَاحَةِ بَابِ مَنْصُورٍ خِمَارُ
تَحَارُ لَهُ، جَمَالٌ أَمْ وَقَارُ
يُوَارِي قِطْعَةً مِنْ بَدْرِ لَيْلٍ
بِيَوْمٍ شَمْسُهُ مِنْهَا تَغَارُ
وَيُبْدِي حَاجِبًا سَيْفًا وَعَيْنًا
إِذَا حَدَقَتْ بِنَظْرَتِهَا شَرَارُ
فَصَارَ ٱلذِّهْنُ مُرْتَجِفًا وَقَلْبِي
وَتَاهَ الْعقْلُ مَا مَعَهُ قَرَارُ
وَقَالَتْ قَوْلَهَا قَدَمٌ لِسَاقٍ
أَوِجْهَتُنَا يَمِينٌ أَمْ يَسَارُ
فَأَسْرَعْتُ ٱلْخُطَى وَٱلْخَوْفُ يَسْرِي
بِأَوْصَالٍ يُمَنِّيهَا ٱلْفِرَارُ
رَأَتْ ذَاتُ ٱلْخِمَارِ مَدَى ذُهُولِي
وَوَجْهًا بِي تَمَلَّكَهُ ٱنْبِهَارُ
فَقَالَتْ لِي بِصَوْتٍ جَهْوَرِيٍّ
تَقَدَّمْ لَا تَخَفْ وَلَكَ ٱخْتِيَارُ
بِكَفِّكَ أَقْرَأُ ٱلْمَاضِي وآتٍ
غَدًا وَكَذَاكَ بَعْدَ غَدٍ يُنَارُ
فَتَأْتِيكَ ٱلنَّصَائِحُ من رُؤَايَا
وَأَخْبَارٌ وَأَسْرَارٌ كُثَارُ
فَعُدْتُ مُطَأْطِأً رَأْسِي إِلَيْهَا
كَمَهْزُومٍ وَلَيْسَ لَهُ خِيَارُ
وَقُلْتُ لَهَا: تُرَى كَفِّي سَيُفْضِي
بِمَا يُخْفِيهِ لَيْلٌ أَوْ نَهَارُ
وَهَلْ يُنْبِيكِ مِنْ أَمْرِي بِشَيْءٍ
وَهَلْ يُجْدِي تُرَى مَعَهُ حِوَارُ
فَأَلْقَتْ نَظْرَةً مَسْحًا لِكَفِّي
وَقَالَتْ: قَدْ غَشَى رَأْسِي دُوَارُ
هُنَا يَبْدُو مُحِيطٌ أَطْلَسِيٌّ
وُخُلْجَانٌ، وَتَبْدُو لِي بِحَارُ
أَذِي كَفٌّ تُرَى أَمْ أَرْضُ حَرْبٍ
بِهَا بَطْشٌ وَتَقْتِيلٌ وَنَارُ
بِلَادُ ٱلْعُرْبِ تَبْدُو لِي شَتَاتًا
تُضَعْضِعُهَا ٱلمَهَانَةُ وَٱلْصَّغَارُ
وَهَذِي ٱلنَّارُ تَزْدَادُ ٱنْتِشَارًا
وَيُشْعِلُهَا بِهِمْ غَرْبٌ وَجَارُ
فَقُلْتُ أَتَيْتِنِي خَبَرًا مُشَاعًا
يُرَدِّدُهُ بِلَا رُوحٍ كِبَارُ
فَقَالَتْ لِي أَرَى أَيْضًا خَرَابًا
يَطَالُ ٱلْكُلَّ لَنْ تُعْفَى دِيَارُ
أَرَاهَا ٱلْحَرْبَ ثَالِثَةً تَلَظَّتْ
بِعَالَمِنَا وَيُذْكِيهَا سُعَارُ
فَلَا غَرْبًا وَلَا شَرْقًا سَيْنْجُو
وَلَا رُوسًا وَلَا ٱلرُّومُ ٱلتَّتَارُ
وَلَا فُرْسًا وَلَا تِنِّينُ صِينٍ
وَلَا النَسْرٌ القَوِيٌّ أَوْ الهَزَارُ
وَمَا زَعْمِي أَرَى غَيْبًا وَلَكِنْ
جِيَادُ ٱلْحَرْبِ ثَارَ لَهَا غُبَار ُ
محمد الإمامي