أطباء الشغل وخبراء ومهنيون باحثون، يتدارسون مراجعة القوانين المنظمة للشغل، مع تبني استراتيجية تضمن حق الأجير في حالة المرض الطويل الأمد

مكناس: عبد الصمد تاج الدين

شدد المشاركون في ندوة، نظمت يوم السبت الأخير ، على ضرورة تعزيز دور طب الشغل داخل المقاولات واعتماد قوانين جديدة متعلقة بصحة الاجير والامراض المهنية المحتمل اصابته بها والعمل على احصائها وادراجها في اللوائح قصد تضمينها ضمن الامراض المعلنة من طرف قانون الشغل للحد من الفراغ والضبابية الحاصلة في التعامل بين المشغل و لاجير في حالة الرض الطويل الأمد ، هذا الأخير الذي غالبا ما يسقط ضحية فقدان لعمله عندما يتوقف عن العمل لمدد قد تتجاوز اضطراريا 180يوما بسبب مرض غير مدرج ضمن خانة الامراض المهنية، ليجد نفسه فاقدا لشغله بعدما يطبق عليه قانون الشغل الذي يعود الى سنة 1943 والذي طبقا لنصوصه يعتبر المعني بمثل هذه الحالات، مستقيلا عن عمله ، واعتبر المشاركون في هذه الندوة التي نظمتها الجمعية المغربية للصحة في العمل بمناسبة الدورة الربيعية في نسختها 18 حول موضوع ) المريض في العمل والمرض المتعلق بالشغل ( أنه بات من الضروري ،تحيين النصوص القانونية خاصة تلك المتعلقة بالأجير المريض مع فرض اجبارية التامين على المرض من طرف المشغل بدل ما هو متعامل به من منظمات الاحتياط الاجتماعي و تحسين شروط العمل، وتجويد آليات السلامة الصحية داخل المقاولات والعمل على احدات منصة إحصاء مختلف الامراض المهنية المعلنة وتصنيفها في افق تسطير برامج صحية لمحاربتها والحد من انتشارها .

وشكلت محاور هذه الدورة التي كانت غنية بالمواضيع الهامة وذات الراهنية والصلة المباشرة بطب الشغل وعلاقته القانونية بالأجير والمشغل على حد سواء، فرصة للوقوف على مجموعة من الخصائص المتعلقة بقانون الاجير وسلامته الصحية من خلال الموضوعات والعروض ،التي أطرها أساتذة وخبراء طب الشغل ودكاترة وباحثون وقضاة ومهنيون في المجال من مستوى عال.

وكانت فعاليات الدورة قد افتتحت أشغالها يوم السبت الأخير بفضاء قاعة المؤتمرات التابع لقطب الصناعات الغدائية المعروف بأكروبوليس بمكناس ، بحضور المندوب الإقليمي لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية بمكناس ،معية ممثل رئيس مجلس هيأة الأطباء بالجهة ورئيس الجمعية المغربية للصحة في العمل والمدير الإقليمي لوزارة الادماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات ، ونائب رئيس الجامعىة الدولية الأورو متوسطية بفاس ، وثلة من الأساتذة الجامعيين والخبراء وأطباء الشغل المختصين ومجموع المهنيين، ) أفتتحت ( بكلمة ترحيب رئيس الجمعية المغربية للصحة في العمل الدكتور مولاي هاشم المرتجي ،استعرض خلالها الاطار العام للموضوعات العلمية التي تتضمنها الدورة ،كما وجه كلمات شكر وترحيب لكل المؤطرين والمتدخلين والمشرفين على تنظيم وتأطير اشغال هذه الدورة، تلاه المندوب الإقليمي لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية الدكتور رشيد تكروت الذي هنأ بدوره الجمعية على تنظيمها لهذه الندوة دات الأهمية بمكان ، مبرزا دور طب الشغل داخل منظومة الصحة ،معلنا بالمناسبة ، انخراط المندوبية الدائم في التعاون مع الجمعية لما يفيد في إرساء قوام السلامة الصحية في العمل لصالح الفئات النشيطة،

من جانبه هنأ الدكتور سعيد لفقير نائب رئيس المجلس الجهوي لهيأة الأطباء بجهة فاس مكناس ملتمسا العذر المنظمين غياب الدكتور فؤاد بولعقيق الدي تعدر عليه الحضور لأسباب طارئة ،مشيدا بدور مكتب الجمعية الجديد على ما أصبح يلعبه بعدما ضخت دماء جديدة بهياكل الجمعية ، بالمقابل، ركز المدير الإقليمي لوزارة الادماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات في كلمته بالمناسبة حول عدم اهتمام الفرقاء الاجتماعيين بجانب السلامة الصحية للأجير واكتفائها فقط بالمطالب المادية، مشيدا بطبيب الشغل الذي يبقى له دور مهم في تطوير ظروف عمل الاجير والاهتمام بسلامته الصحية ،قبل ان يرفع الستارعلى النسخة 18 بعرض افتتاحي قيم ومستفيض ،تطرق فيه طبيب الشغل الدكتور طارق غيلان حول أنواع الامراض المهنية المعوض عنها خصوصا بالقطاع الفلاحي ،مع قراءة في اللائحة لمصنفات تلك الامراض .

تلاه دكتور مرتجي مولاي هاشم ، طبيب الشغل والباحث في المجال القانوني ورئيس الجمعية المغربية للصحة في العمل الذي اسهب في احاطة موضوع قانون الاجير المريض بالشرح والتحليل لجميع حيتيات ومقتضيات القانون المنظم له ونصوصه التي وصفها الرئيس بالمجحفة في حق الاجير و التي تشوبها مجموعة من النقائص والاختلالات على حد تعبيره ما دامت لا تتجاوب مع الوضع الحالي سواء فيما يخص العامل نفسه أو في علاقته مع المشغل ،نظرا لتقادمها وعدم مسايرتها وملاءمتها مع تطور المنظومات القانونية .وفي عرض ما قبل الأخير، كان الدورعلى الدكتور بوظهر المهدي، طبيب اخصائي في امراض العظام والمفاصل والروماتيزم بالمستشفى العسكري مولاي إسماعيل بمكناس، حول موضوع لا يقل أهمية عن ما سبق، وتعلق الأمر بتشخيص والتكفل بحالات اضطرابات العضلات والمفاصل العضمي، الذي يصيب اشخاص بمختلف الاعمار على مستوى اليدين والركبتين والوركين، ما يسبب لديهم الألم والتصلب وقد يؤدي في حالة المضاعفات الى العجز وعدم القدرة على القيام بالمهام اليومية في العمل . أما الدكتور رضى بنسليم ،طبيب شغل من الدار البيضاء ،فقد قدم عرضا مفصلا حول الاليات وطرق ملاءمة الحركات المهنية اثناء مزاولة العمل لتجنب كل الاخطار المحتملة لدى العامل .وفي نفس سياق الموضوع ، ذهب زميله الدكتور حكيم عبيوي من مدينة وجدة ليسلط الضوءحول كيفية تصحيح الحركات والوضعيات لدى

العامل .

وفي فترة ما بعد الزوال، كان للحضور موعدا مع الأستاذة أمينة ناعيمي، قاضية مستشارة بمحكمة النقض واستاذة بالمعهد العالي للقضاة، استعرضت خلال مداخلة مستفيضة أهم جوانب نصوص وفصول القانون المتعلق بعقد الشغل الخاص بطبيب الشغل وكذا القوانين والمراسيم المنظمة له ودورهيأة القضاء في التعامل مع الملفات المطروحة امامها وكيفية التعاطي مع النزاعات التي يمكن ان تحدث بين المشغل والاجير مع بسط إمكانية الاستعانة بالاجتهاد القضائي في بعض الحالات المستعصية منها . ليسدل الستار البروفيسور شكيب الحسيني العراقي ، أستاذ طب الشغل الذي تطرق لأهمية وإمكانية الوقاية من الامراض المهنية وغيرها عبر مقاربة اعتماد اللقاحات بالوسط المهني .

وما ميز هدا اللقاء الذي عرف نجاحا بكل المقاييس سواء من حيث التنظيم المحكم أو من حيث حجم الحضور المكثف من جميع مدن واقاليم المملكة ،هوالجو ألحميمي الذي طبع يوم هذا الملتقى العلمي الهام بين جميع المتدخلين في القطاع وغيره من أطباء وهيآت قضائية ودوائر مسؤولة حيث اختتم اللقاء بحفل توقيع اتفاقية تفاهم وتعاون بين الجمعية المغربية للصحة في العمل في شخص رئيسها د.مرتجي مولاي هاشم و والجامعة الدولية الأورومتوسطية بفاس في شخص نائب رئيسها البروفيسور سليم بونو تمتد ل 6 سنوات و تروم في أهدافها العامة الى تبادل الخبرات والمعرفة في مجال التكوين والبحث العلمي وإقامة مشاريع مشتركة خصوصا في الصحي .

إلى ذلك أكد الدكتور مولاي هاشم المرتجي رئيس الجمعية المغربية للصحة في العمل في تصريح خص به «الصحراء المغربية ،عقب اسدال الستار على فعاليات اشغال اللقاء العلمي ، أن هذا الملتقى يعتبر المناسبة السنوية التي تؤمن لمرحلة عمل متجددة قوامها التواصل بين مختلف الفاعلين وتبادل الأفكار من أجل خلق دينامية جديدة في مزاولة المهام و تبادل وجهات النظر من اجل المساهمة في وضع أسس تعميم المعرفة والوقوف على أخر المستجدات في القطاع لمواكبة التطور في المجال مشيرا أن تنظيم لقاءات علمية من هذا المستوى وبحجم هذه المواضبع الهامة بين أطباء الشغل بالقطاعين الخاص والعام ،هي الفرصة التي أعتبرها رئيس الجمعية بالمفيدة لإثارة الانتباه من اجل تحيين القوانين الخاصة بطب الشغل ،وهذا يقول الدكتور مرتجي هو الدور الحقيقي للجمعية المهنية التي نسعى من خلالها الى اشعاع دور طبيب الشغل والدفع به للمساهمة في مواكبة التنمية الشمولية والانخراط في انجاح الاستراتيجة الصحية المجتمعية ،شاكرا في الوقت ذاته كل المساهمين في إنجاح هدا اللقاء .