لماذا عادت ظاهرة الشغب الرياضي إلى الواجهة في المغرب؟
لماذا عادت ظاهرة الشغب الرياضي إلى الواجهة في المغرب؟
عادت من جديد ظاهرة الشغب الرياضي المرتبط بالألتراس لتطفو إلى السطح بالمغرب. وفي هذا الصدد، عدد عبد الرحيم بورقية، السوسيولوجي والأستاذ الباحث في علم اجتماع الرياضة، ومؤلف كتاب “التراس بالمدينة”، أسباب ظاهرة الألتراس وكيف دخلت إلى المغرب، ونوعية الأشخاص المنتمين إليها، ودورها في الشغب الرياضي.
وهكذا أوضح بورقية في حوار مع الأولى، أن الألتراس هي مجموعة تسعى إلى ظهور مختلف عن الآخرين، هدفها الأساسي هو انتزاع اعتراف الآخرين بأن أعضائها ليسوا مشجعين عادين؛ فهم يسعون إلى الإثارة وتوجيه الأنظار إليهم، ويعملون ما في وسعهم لجلب الكاميرات إليهم.
وهم يتميزون بحب وتفاني ودعم لا مشروط للفريق بغض النظر عن النتائج، دائما وراء الفريق مهما كانت الظروف والأوضاع ويحلون ويرتحلون مع الفريق في جميع المباريات، وكمثال على ذلك الشعار المعروف لجماهير نادي ليفربول الإنجليزي: “لن تذهب وحدك أبدا”.
لكن كيف دخلت هذه المجموعات إلى المغرب، لقد دخلت رسميا سنة 2005 عندما قام عدد من الجماهير بوضع لافتات تشير إلى اسم الألتراس، وهناك نقاش كبير يدور حول من هم أول مجموعة ألتراس بالمغرب. وهذا يعطينا فكرة عن خلق عالم الألتراس بالمغرب ليبدأ بعدها التنافس بينها، وفي غضون سنوات قليلة أصبح لكل فريق مجموعة ألتراس خاصة به، حتى فرق في القسم الثاني وفي أقسام الهواة.
وأضاف بورقية، أن ما يميز الألتراس هي طريقة التشجيع التي تتبع أكثر النموذج الإيطالي (التيفوزي) وليس الإنجليزي الذي طبع ذهن العالم بصور العنف، مثل مأساة ملعب “هيسل”.
وعندنا في المغرب نجد أغلب المنتمين إلى الألتراس هم يافعون أو شباب ينتمي أغلبهم إلى أحياء شعبية أوهامشية للمدن الكبرى، ويتميز التواصل بين عناصر الألتراس بطرق خاصة تغلب عليها رموز يكون متعارف عليها بين أعضائها.
ويكون للإكراهات التي تعيشها هذه الفئات الهشة خلال تنشئتها الاجتماعية، من سكن وتعليم وصعوبة العيش، انعكاس على عدد كبير من المراهقين الذين يجدون ضالتهم في الألتراس باعتبارها متنفسا للتعبير على أنفسهم وفرض ذاتهم.
وهناك ما هو مرتبط بأنشطة الألتراس التي لا تتوانى في استخدام العنف من أجل فرض الاحترام والهيبة على المنافسين، من خلال سرقة لافتاتهم ومنتوجاتهم والاعتداء عليهم، في مقابل الدفاع عن أعضائها في مختلف الظروف.
وهناك عنف يجد طريقه إلى الملعب والمشجعين، إذ لا يمكن أن نقول على كل من يتجهون إلى الملاعب الرياضية حاملين ألوان فريق أو مجموعة على أنهم ذاهبون للتشجيع.وأعضاء مجموعات الألتراس يعانون من أفراد وجماعات تخلق البلبلة بينهم، لأن هناك من يتخذ الألتراس كمجال للاستقواء والاسترزاق، لأننا أمام خليط غير متجانس، فهناك من يترك نفسه كأداة في يد الآخر وهناك من يرفض، وهنا أتحدث عن بعض المسيرين وغيرهم الذين يستعملون عناصر من الألتراس لتحقيق أهداف وأغراض خاصة.
وعن تاطير هذه المجموعات، قال بورقية، إنه ممكن جدا؛ لكن العمل يجب أن يكون قاعديا مع الأطفال واليافعين منذ الآن إذا أردنا القطع مع أشكال العنف “التي لا يمكن القضاء عليها تماما، لكن يمكن الحد منها”، وهنا يجب التوجه إلى الفاعلين الأساسيين في التنشئة الاجتماعية وهم: الأسرة، والمدرسة، ودور الشباب.
لأن التأطير يتطلب وقتا لأنه يجب طرح الأسئلة التالية: ماذا نريد بالضبط؟ من هو المؤطر وما هو تكوينه وهل له المؤهلات المطلوبة؟ وهل من الممكن إشراك المجموعات في هذا التأطير؟.


