مغرب المواطنة مدير النشر: خالد الرحامني / E-mail: info@mouatana.com
مدنية ماشي عسكرية.. الشعب الجزائري يريد
مغرب المواطنة2021-02-19 10:23:00
للمشاركة:

مدنية ماشي عسكرية.. الشعب الجزائري يريد "حلّا" وليس "حلّ" البرلمان

مدنية ماشي عسكرية.. الشعب الجزائري يريد "حلّا" وليس "حلّ" البرلمان

كما كان متوقعا من قبل، أعلن الرئيس الجزائري/المعيّن عبد المجيد تبون، مساء الخميس 18 فبراير 2021، عن حل المجلس الشعبي الوطني (الغرفة السفلى للبرلمان)، وتنظيم انتخابات تشريعية مبكرة، وكذا إجراء تعديل حكومي خلال الـ48 ساعة المقبلة، "يمس بعض القطاعات التي سجلت نقصا في أداء مهامها".

وكان أمام النظام خياران: إما حل الغرفة السفلى للبرلمان، أو تنظيم انتخابات سابقة لأوانها. وكان المتتبعون قد رجحوا الخيار الأول- وهو ما حصل بالفعل- لأنه يعفي تبون ومن يقف وراءه من مَطبَّات الجدل حول قانون الانتخابات داخل المجلس الوطني الشعبي، وبالتالي يضمن له تمرير هذا القانون بمرسوم رئاسي.

ويحق لعبد المجيد تبون تمرير قانون الانتخابات بمرسوم في حال شغور المجلس، ويعتبر حل هذا الأخير شغورا. وقبل دخول هذا القانون حيز التنفيذ واعتماده في الدورة البرلمانية المقبلة من قبل المجلس الوطني الشعبي الجديد، يجب أن يحصل الرئيس على موافقة المجلس الدستوري الذي ينفرد بالحسم في دستورية القوانين وضمنها هذا القانون، وهو أمر محسوم لأن استقلالية المجلس الدستوري، الذي أعلن تبون أيضا قرار تحويله إلى محكمة دستورية، تبقى محدودة خاصة في ظل هيمنة النظام العسكري على هذا المجلس عبر السلطة التنفيذية التي لا تعدو أن تكون مجرد قناع مدني يختفي وراءه الجنرالات.

وكلنا يتذكر بهذا الصدد، إعلان المجلس الدستوري إلغاء الانتخابات الرئاسية المقررة في الرابع من يوليو 2019، وتمديد فترة عبد القادر بن صالح رئيس الدولة المؤقت، آنذاك، إلى حين انتخاب رئيس جديد للبلاد. وهو قرار مخالف للدستور من عدة جوانب، حسب المتخصصين، إذ أن التمسك ببن صالح وتمديد عهدته، ومنحه صلاحية تحديد تاريخ إجراء الانتخابات الرئاسية، يعتبر تعدّيا على صلاحيات رئيس الجمهورية المخوّل الوحيد بتحديد تاريخ الانتخابات، وفق الدستور، وليس الرئيس "المؤقت" الذي انتهت فترته..

فتوى المجلس الدستوري، التي سمحت للرئيس المؤقت عبد القادر بن صالح، بمواصلة مهامه، على الرغم من فشله في تنظيم انتخابات على المستويات كافة، وذلك من دون تحديد موعد لانتخاب رئيس جديد، تخالف منطوق المادة 102 من الدستور، التي بموجبها تكون ولاية بن صالح، هي 90 يوماً تنتهي في الثامن من يوليو 2019.

وللرئيس الجزائري، حسب دستور البلاد، صلاحيات واسعة لحل مجلس الوطني الشعبي، ولو بعد انتخابه مباشرة، فيما لا يخوّل له القانون الأسمى للبلاد صلاحية حل مجلس الأمة.

إن الهروب إلى الأمام، والإصرار على تنظيم الانتخابات التشريعية، لا يمكن أن يكون حلا للأزمة السياسية التي تعيشها الجزائر، ولن يزيد إلا تعقيد وتعميق الأزمة ويعيد نفس السيناريوهات الفاشلة التي عرّت نظام العسكر سواء خلال الانتخابات الرئاسية التي نظمت في 12 دجنبر 2019 ضدا على إرادة الشعب، أو في الاستفتاء على الدستور في الأول من نونبر 2020 هما "استحقاقان" أسفرا عن نتائج كارثية بسبب المقاطعة الشعبية الواسعة التي لم تعرفها الجزائر من قبل.

خطاب تبون كشف بأن الذين أعادوه مرة ثانية إلى البلاد، رغم تدهور وضعه الصحي (الخطاب لم يكن مباشرا بل تم توضيبه ومنح وقت كافي لتبون للاستراحة من عناء إلقاء الخطاب وهو ما يتأكد من خلال زوايا التقاط الصور)، كان غرضهم هو استكمال تنفيذ أجندتهم الرامية إلى الالتفاف على مطالب الشعب وربح مزيد من الوقت لتدوير النظام العسكري، بعد العفو عن عُتاة المجرمين ورموز العشرية السوداء(توفيق ونزار)، والوقوف في وجه الحراك الشعبي الذي من المنتظر أن يستأنف مسيراته الاحتجاجية يوم 22 فبراير الجاري، وهو ما أكده أول الغيث يوم الثلاثاء 16 فبراير بمدينة خراطة التي عرفت انطلاقة الشرارة الأولى للحراك منذ سنتين.

إن ما يطالب به الشعب اليوم، يتجاوز مجرد تنظيم انتخابات أو تعديل في الحكومة أو إقالتها حتى. إن الجزائريين اليوم، ومنذ بدء حراكهم "المبارك" كما يحلو لتبون- وقبله قايد صالح- نعته، يرغبون في تشييد نظام مدني ديمقراطي بعيدا عن إملاءات وتدخلات المؤسسة العسكرية ومخابراتها في الشؤون السياسية للبلاد، إنهم يريدون أن يرحل الجنرالات ويعودوا إلى ثكناتهم ويرابطوا على الحدود، كما تفعل جميع الجيوش في الدول الديمقراطية، إنهم يطالبون بكل بساطة ووضوح بـ"دولة مدنية ماشي عسكرية"، وأن "يتنحّاوْ كاعْ" وهي الشعارات التي تكثف مطالب الشعب الجزائري والتي لا يزال يرددها في كل وقت وحين، وسيعيد ترديدها مجددا على أسماع الجنرالات العجزة يوم 22 فبراير الجاري، بمناسبة الذكرى الثانية لانطلاق شرارة الحراك الشعبي، ليعلن استئناف هذا الأخير بعد حوالي سنة من التوقف بسبب الإجراءات والتدابير التي فرضت عليه في ظل جائحة كوفيد-19، التي اعتبرها الجزائريون في شعاراتهم "أهون من النظام العسكري"..

 

مغرب المواطنة
للمشاركة: